مفهوم النكوص في علم النفس

مفهوم النكوص في علم النفس

يلجأ كثير من الأشخاص إلى الدفاع النفسي بصورة لا إرادية لتجنب أي تهديد والتخفيف من الصراعات النفسية، ويرجع ذلك إلى عدم القدرة على إرضاء الدافع الداخلي بصورة سوية لكثير من العوامل، وإذا زادت ردود الفعل والحيل عن مستواها الطبيعي سيصبح الأمر خطيرًا، لذا نتعرف على مفهوم النكوص في علم النفس وأهم ما اشتمل عليه:

• مفهوم النكوص في علم النفس (Regression) هو الارتداد في نشاط الشخص النفسي إلى مرحلة سابقة خلال مراحل تطوره من التكوين النفسي لدى الفرد، فهو يتمثل في الرجوع إلى مرحلة سابقة من التكوين نفسيًا خلال التعامل مع الأفراد المحيطين أو المواقف الحياتية المختلفة.
• بالتالي فإن النكوص النفسي هو واحد من الحيل الدفاعية التي يستند عليها الفرد عندما يتعرض لضغوطات أو مشاكل مؤثرة على مسار حياته من الجانب النفسي، وهو يتجاوز قدرة الفرد على التخلص منه فيتولد الإحباط في نفس الشخص مما يُضاعف شعور القلق الحاد لديه، ولا تكمن طاقة ومقدرة على مواجهته..
• نتيجة لذلك يرجع الفرد حتى مراحل طفولته، والتي تشكلت بها الملامح الشخصية الأولى مما يُرجعه إلى سمات سلوكياته الطفولية؛ ومنها على سبيل المثال الرفض وسهولة الاستثارة والانفعال واصطحاب المقتنيات القديمة الطفولية إلى مكان ليس ملائم لها.

أشكال حيل الدفاع النفسي

تنوعت أشكال وأساليب حيل الدفاع النفسي التي يقوم بها الكثيرون بصورة لاإرادية ولاشعورية حين العجز عن مواجهة المشكلات والأزمات، والهدف من ذلك هو التقليل من شعور التوتر الذي نتج عن الإحباط والشعور بالذنب، وفيما يلي أبرز أساليب حيل الدفاع النفسي:

• الانسحاب: الهروب من العوائق بهدف إشباع الحاجات والدوافع.
• الإسقاط: انسياب الفرد لما في داخله من عيوب نحو الآخرين؛ ومن ذلك مثلًا الزوج الخائن الذي يصيبه الشك دائمًا في زوجته.
• التقمّص: يتمثل في استعارة الفرد لما في نفسه وداخله من صفات يرغب بها لدى الآخرين.
• التثبيت: التوقف في نمو الشخصية عند مرحلة محددة.
• النكوص: التقهقر والرجوع إلى مستوى سلوكي غير ناضج.

أنواع النكوص في علم النفس

يتفرع نوعين من مفهوم النكوص في علم النفس يشملان الفئات العمرية لدى الفرد؛ فمنه النكوص عند الطفل أو البالغ، ونتعرف على تلك الأنواع فيما يلي:

النكوص عند الأطفال

• يعتبر النكوص من الأجزاء الهامة التي اشتملت عليها مراحل النمو لدى الأطفال، فمن الطبيعي أن يرجع الطفل غلى ورائه عليلًا بعد التعلّم والإتقان، وخلال التكيّف مع حدث جديد؛ ومن ذلك على سبيل المثال زيارة الحضانة للمرة الأولى، أو رفض الطفل للخروج من مرحلة الراحة التي تُشعره بالأمان إلى عالم جديد يختلف عمّا هو فيه.
• حيث نلاحظ على الطفل عند ذهابه إلى الحضانة للمرة الأولى يبكي ويمسك بساقي ولي أمره، وهو سلوك قد لا يكون ظاهرًا مُسبقًا، بالتالي فإن المرحلة الأكثر تعرضًا للنكوص في حياة الطفل تتمثل في مرحلة التحاقه بالحضانة أو المدرسة، والحل لذلك هو إمهال الطفل الدعم والأمان وعدم تجاهل السلوكيات التي تصدر منه، بل تتم مساندته لأن هذا الفعل طبيعي في عمره، وقد يستمر لما يتجاوز أسابيع وحينها يتوجب الذهاب إلى الطبيب على الفور.

النكوص عند البالغين

• يمر الشخص في مرحلة بلوغه أحيانًا بالنكوص أيضًا كالطفل وحينها يرجع إلى الوراء كاستجابة لحدث أو موقف يسبب القلق والحزن والألم، ومن الممكن أن يكون الشخص عرضةً للقلق والخوف بشكل كبير من اختباره غدًا مما يوقظه طوال الليل لللقيام بالكثير من الأمور التي تشتت انتباهه.
• ومنها مثلًا التحدّث لوقتٍ طويل على الهاتف كما هو الأمر بالمرحلة الثانوية، وهو ما يُضاعف لديه الشعور بالراحة والأمان، وبالاستناد إلى الأبحاث والدراسات تنخفض نسبة الإصابة بالنكوص على مدار فترة البلوغ، إلا أنها تزيد بمعدل كبير في الفئة العمرية لكبار السن إذا تجاوزوا خمسة وستين سنة.

أمثلة على النكوص في علم النفس

بعد التعرف على مفهوم النكوص في علم النفس نتطرق إلى عرض مجموعة من الأمثلة التي تضمنها، ويمكننا الاستعانة بها في الإلمام بكافة مضامينه، وهي كالآتي:

• أن يكون الفرد مُفرطًا في عاطفته وله رد فعل قوي عندما يحدث ما لا يرغب به.
• ألا تترك الفتاة السرير والغرفة عن وضع الجنين.
• أن تُحضِر الفتاة الدمية الخاصة بها إلى الجامعة رغم أنها لا تمسكها ببيتها، إلا أنها تُذكرها بالبيت وهي في الحرم الجامعي.
• أن يضحك الفرد إلى شخص ما للمرة الأولى عند التحدّث معه، وهي من الطرق التي يُبعد بها شعور التوتر.

مدرسة التحليل النفسي والنكوص

يشتمل مفهوم النكوص في علم النفس تواجد النقاط التي يثبت عندها الإشباع في مراحل التطور لدى الشخص، وهي نقاط التثبيت التي يرجع إليها عندما يشعر بإن الإشباع مستحيل في المرحلة التي وصل إليها، ويشتمل النكوص أيضًا على حرمان الإشباع حاليًا، وبه ترتد الطاقة النفسية التي هُيئت لللعمل إلى مرحلة سابقة تعمل على توفير الإشباع النكوصي.

يذكر سيجموند فرويد بأن السرّ في الشقاء هو عش مراحل الطفولة ذات العواصف الكثيرة، والتي تثبت في ذاكرة الشخص ولا يتمكن من نسيانها وتظلّ محفورة بالأذهان، لذا من المحتمل أن يقع الشخص السوي أيضًا في النكوص على اختلاف تكويناته النفسية، وتظل ملاحقة لهم طوال حياتهم وفي معاملاتهم المختلفة.

علاج النكوص عند الأطفال

عرفنا أن النكوص هو محاولة العودة إلى مرحلة نموّ سابقة كآلية دفاع مستخدمة من قبل الفرد في المواقف والعلاقات المُجهدة والمُقلقة، وحينما تُلاحظ أعراض ذلك على الطفل عليك تطبيق خطوات علاج النكوص عند الأطفال التي تتمثل فيما يلي:

• الطمأنة وتوفير الدعم: يطمئن الطفل إذا أخبره والديه بأنه سيلقى دعمًا ومساعدة لتعلّم الأشياء الصعبة، ويتم الاعتماد في ذلك على طريقة الوالدين المناسبة للطفل، والتحسّن المزاجي لديه يُشعره بحاجته إلى وقت أطول مما يوجب الصبر على الوالدين.
• إظهار التعاطف: يعبر الطفل عن مشاعره دائمًا مما يوجب التعرف على السبب وتحديد المشاعر واستيعابها ثمّ الرد عليها من قبل الوالدين، كالتعاطف وإخبار الطفل بإدراكنا لمدى صعوبة استمراريته بالفعل الصائب على الرغم من الظرف الجديدة والمتعسرة، ويمكن إخباره بقصة تلائم عمره حول حدث قديم يتعلق بالنكوص.
• التعبير عن المشاعر: يواجه الأطفال صعوبةً في التعبير عن المشاعر ببعض الأحيان، لذا من الضروري أن يتم فهم ما يشعر به الطفل عن طريق المراقبة خلال اللعب، والتعرف على ما أراد شرحه لفظيًا ولم يتمكن من ذلك، ومن الممكن أن تخبر الأم طفلها بملاحظة التغيرات السلوكية التي يقوم بها أو مواجهته بحوادث حضانة عدة؛ مثل سؤاله “هل توقفت عن استخدام النونية لكونها بمنزل جديد؟”.
• التحفيز على القيام بأمرٍ صائب: ينبغي أن يُشجع الوالدان الطفل على تنفيذ ما هو صحيح وملائم لحالته والموقف الذي وقع فيه بفعل النكوص؛ فإذا مرّ الطفل بنوبة غضب خلال ذهابه إلى المدرسة ينبغي تذكيره بالمرح الذي حدث في إحدى الأيام من قبل المعلم، أو يقول له الوالد بأنه سيكون في مكان قريب لأخذه بعد أن ينتهي اليوم الدراسي على الفور.
• حل المشكلة وإصلاحها: يتم تطبيق الأمور الصائبة لإصلاح الأزمة من جذورها، ويتم الاعتماد في ذلك على الخطوات العملية التي تُخفض نسبة تعرّض الطفل للضائقة التي يعاني منها؛ فمثلًا إذا تواجد له شقيق رضيع يتم تنظيم وقت خاص بالطفل لقضائه معه وحده دون الرضيع، أو إضافة مجموعة من الأور المألوفة بالمنزل القديم في الجديد، أو التوجه بالطفل إلى مركز رعاية وحضانة لأخذ معلومات أخرى من المختصين والتعرّف على الطرق الصائبة لتوجيه الطفل فيما يختص بالحمام أو غيره من العادات.

أسئلة شائعة حول مفهوم النكوص