التعليم

هل سؤال ليس من الضروري الإلمام بموضوع الحوار صواب أو خطأ ؟

ليس من الضروري الإلمام بموضوع الحوار صواب أو خطأ ؟

إن عبارة ليس من الضروري الإلمام بموضوع الحوار عبارة خاطئة، وذلك لأن الحوار العميق لا يهدف وكما يعتقد البعض إلى تبادل الحديث بين الطرفين فقط، حيث إن الهدف الرئيسي منه هو إثراء المعرفة إلى جانب مناقشة الأفكار الكامنة وراء الموضوع، فلقد قيل إنه مهما تعددت أنواع الحوار إلا أنه الأمانة والصدق من العوامل الأساسية في إلقائه حيث لا ينبغي السماع لمن يدعى بأنه ليس من المهم الإلمام بموضوعه.

الجدير بالذكر أن الإلمام بموضوع الحوار أيضًا يعد بمثابة أهم الركائز التي تساعد على نجاحه، إذ إنه يميز الحوار الجيد من الحوار السيئ، لذا فلا بد وأن يهتم الطرفين قبل بدء المناقشة بتحديد موضوع الحوار وإدراكه جيدًا للوصول إلى الهدف منه، كما ينبغي الالتزام بأخلاقيات وأداء الحوار والتي من أبرزها الاحترام المتبادل والعدل والإنصاف وتجنب التعصب.

الاقناع بالدليل غير مهم في الحوار

يعد توفر الدليل المادي أو المعنوي من الوصول إلى الحقائق واستنتاج بعض النتائج الهامة لتشكيل الأفكار الجديدة والهادفة عند خوض أي حوار، حيث إن عبارة الإقناع بالدليل غير مهم أثناء الحوار عبارة خاطئة أيضًا.

فلا بد وأن يقنع مُلقي الحوار المستمع بمضمون حواره من خلال تقديم الأدلة المنطقية واتباع الأسلوب الذي يعتمد على سرد القصص أو ضرب الأمثلة المتشابه للموقف أو اتباع الأسلوب الاستنتاجي لعرض القصص والقضايا وإثارة الانتباه أو الأسلوب الاستفهامي المعتمد على طرح الأسئلة المتلائمة بما يدور في العقل من قناعات وذلك للوصول إلى الهدف المرجو.

أخلاقيات الحوار مع الآخرين

هناك مجموعة من الأخلاقيات التي ينبغي الالتزام بها عن خوض أي حوار مع الآخرين لكي يكون هادفًا ومُجديًا، فمن أبرزها ما يلي:

التزام التواضع

  • إن المحاور الجيد هو الشخص الذي يلتزم التواضع أمام الآخرين سواء في قوله وفعله.
  • وذلك الأمر لا يعتمد على مكانته العلمية أو الاجتماعية أو على حتى مدى إلمامه بموضوع الحوار.
  • حيث إن المحاور المؤمن بالحق هو من يدرك أهمية التواضع في جذب من حوله له والثقة فيه، وذلك اقتداءً بقوله تعالى (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان، 18].

حسن الاستماع

  • لا بد وأن يكون المحاور قادرًا على تقبل آراء الغير والاستماع لهم جيدًا وحتى وإن لم يكن متفقًا معهم.
  • إذ يعد حسن الاستماع بمثابة أبرز العلامات على حسن التربية ومن أهم أخلاقيات الحجوار.
  • كما من الضروري ألا يعدد مهامه مما يجعله ينشغل عن الاستماع لأحد الأطراف وألا حتى يسرح بخياله في شيء بعيد عن موضوع الحوار.
  • فهناك فرق كبير بين الاستماع لقول الطرف الآخر من أجل الفهم والاستماع إليه بهدف الرد ومناقشة وخوض الحوار.

التحلي بالأمانة

  • من الضروري وأن يتم تحري الأمانة عند نقل موضوع الحوار.
  • حيث يجب أن تكون الكلمات التي يتفوه بها المحاور صادقة وخالية تمامًا من الأكاذيب أو المعلومات الزائفة.

اعتدال الصوت

  • يلعب الصوت دورًا كبيرًا في إقناع الطرف المستمع إلى الحوار.
  • حيث من اللازم أن يتم تسليط الضوء عليه من خلال جعل نبرة الصوت مناسبة وغير عالية.
  • إذ سيفيد الأمر أيضًا في احتفاظ المحاول باحترامه لنفسه واحترام الآخرين له.

تجنب التعصب للرأي

  • لا ينبغي التعصب للرأي الشخصي حتى وإن كان صحيحًا
  • وبالأخص في حالة إن وجد المحاول الرأي الآخر مقاربًا لرأيه.
  • إذ إنه من أخلاقيات الحوار أن يشهد المحاور بالحق فيما يرى وأن يدرك جيدًا بأن الحوار قائمًا من أجل التعلم واستنتاج الأفكار الجديدة وليس من أجل تعليم الآخرين.

البعد عن التكرار

  • يكون المحاور متمكنًا من الحوار عندما لا يكرر كلامه من حين لآخر.
  • وكذلك عندما يكون على دراية كيفية بكيفية ترتيب أفكاره داخل دماغه.
  • حيث يُفضل أن تكون المحادثة قصيرة بما يكفي لكي تتضمن أهداف الموضوع، وفي الوقت نفسه يجب أن تكون طويلة وكافية لتغطيته.
  • إذ لا بد من الموازنة بين الأمرين حتى يتم بلوغ الأهداف الأساسية للحوار.

من أهم آداب الحوار

لن تختلف كثيرًا آداب الحوار عن أخلاقياته، حيث إنها تتمثل أيضًا في اتباع بعض النصائح للمساهمة في جعل الطرفين قادرين على احترام بعضهما وعدم الانحياز لآرائهم الخاصة، وفي ضمان خوض حوار شيق ولذيذ، فهي كالآتي:

  • الدراية بشكل كامل بموضوع الحوار لإثراء النقاش ولمنحه الاهتمام الكافي والمناسب دون تضييع وقت النفس أو وقت الغير.
  • التعرف على شخصيات المستمعين في حالة خوض الحوار مع أطراف متعددة وكذلك على مكانتهم العلمية للتمكن من التحضير جيدًا والاستعداد للإجابة عن أي استفسار يتم توقعه منهم عن الموضوع الذي يتم التحدث عنه.
  • في حالة الرغبة في طرح الموضوع بشكل متناسق فإنه يلزم وأن يحتوي على نقاط متشعبة، وذلك لضمان البدء بأصول الفكرة ثم بفروعها، حيث سيفيد هذا الأمر في تيسير الفهم على الآخرين واستثمار الوقت فيما يفيد وجذب انتباه الجميع.
  • مناقشة الحوار بكل صدق وأمانة إلى جانب الاعتراف بما يجعله المحاور دون الشعور بخوف أو خجل، حيث إن الخجل الحقيقي يكمن في التكلم فيما لا نعرف.
  • تقديم الأدلة والبراهين لإقناع الطرف الآخر عبر الاستعانة بطريقة السرد أو الأساليب الاستنتاجية أو الأساليب الإستفهامية.
  • اختيار الكلمات لضمان تجنب الغموض وللتمكن من التزام الوضوح في إيصال الغرض الأساسي من الحوار دون أي مخادعة أو التواء.

أهمية الحوار

قد يرى البعض أن خوض النقاشات أو الحوارات من الممكن أن يأتي بنتائج سلبية لاختلاف الآراء، ولكن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق، فالحوار يلعب دورًا كبيرًا في جعل جميع الأطراف قادرة على اكتساب الأفكار الجديدة والمناسبة لآرائهم الشخصية، وجعلهم ينظرون إلى الحياة بنظرة مختلفة، إذ تتمثل أهمية الحوار فيما يلي:

  • زيادة فهم الموضوع المطروح.
  • معرفة المزيد من المعلومات والأشياء الجديدة.
  • فهم آراء المحيطين بكل سهولة.
  • التمكن من إيضاح الرأى الشخصي والاستماع للرأى الآخر.
  • معرفة طريقة الحقيقة التي نرغب في الوصول إليها.
  • تعديل نهج الأفكار السيئة وغير الصحيحة.
  • إظهار الجانب المشرق من المستقبل للشباب.
  • الاطلاع على الواقع الثقافي والحضاري للأمم والشعوب.
  • فتح قنوات التواصل مع الآخرين.
  • التمكن من البعد عن التعصب أو الخصومة.

لفظ الحوار في القرآن الكريم

ذُكر لفط الحوار في القرآن الكريم في العديد من الآية القرآنية فمن أبرزها ما يلي:

  • قال تعالى (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا) [الكهف، 34].
  • قال تعالى (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) [الكهف، 37].
  • قال تعالى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة، 1].
زر الذهاب إلى الأعلى