ماهي أطول قصة في القرآن الكريم

ماهي أطول قصة في القرآن الكريم

إن أطول قصة في القرآن الكريم هي قصة نبي الله يوسف، فالله سبحانه وتعالى قد جعل لقصصه سورة كاملة تفصيلية يقص علينا فيها من فوائد تلك القصة ومغازيها الجمة، ولهذا فإن الله سبحانه وتعالى قد ذكر في بدايتها أنها أحسن القصص، يقول المولى تبارك وتعالى في سورة يوسف:

“الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)“

يتساءل الكثير من الناس في السبب وراء كون تلك القصة بالتحديد من أحسن القصص كما قال تعالى في الآيات السابقة، ويرجع هذا لكونها مليئة بالعبر والحكم التي يحتاج إليها كل فئات البشر في جميع مراحل حياتهم، وذلك لكونها اشتملت على دروس كثيرة يتعلم منها الإنسان، والله سبحانه وتعالى حينما يضع لنا هذا القصص في كتابه الكريم، فإن الهدف من وراء ذلك تعليم الإنسان وتهذيبه بدروس كثيرة ستنفعه في حياته.

تجدر بنا الإشارة هنا أيضًا إلى أنها أول سورة في القرآن تنزل كاملة، حيث إنها السورة الأولى التي تحكي كامل التفاصيل في قصة واحدة في سورة واحدة، على العكس مثلًا من قصص كثيرة لأنبياء ذكرت على مراحل متعددة، وفي مواضع مختلفة من صور كثيرة، مثل قصة سيدنا موسى عليه السلام، والذي يعد أكثر الأنبياء ذكرًا في القرآن الكريم.

كيف نزلت سورة يوسف

اختلف كثر من أهل الذكر على السبب وراء نزول سورة يوسف، وذللك عدة أقوال سنوضحها لكم فيما يلي:

الرأي الأول: يعتقد بعض أهل العلم أن سورة يوسف هي سورة ابتدائية قد نزلت من غير سبب لا سيما أن أغلب الروايات التي قام بعد المفسرون بالاستدلال عليها من خلالها وي بيان أسباب النزول لم تصح، ولكن السبب وراء اعتقادهم في أن سبب نزولها هو وجود سياق معين هو قول الله سبحانه وتعالى في سورة يوسف:

(6) لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)

• الرأي الثاني: يقول بعض أهل التفسير أن هنا جماعة من اليهود أرسلوا إلى كفار قريش أن يطلبوا منهم اختبار رسول الله صلى الله عليه وسلم كي يسألوا عن نبي قدد خرج من بلاد الشام إلى أرض مصر، وعن كل التفاصيل الخاصة بقصته، فلما سألوه المشركين في مكة فقد أنزل الله سبحانه وتعالى سورة يوسف لتكون فيها قصة سيجنا يوسف عليه السلام كاملة، على الرغم من كون أغلب قصص الأنبياء مجزأة في سور مختلفة، وقد أوضح الإمام القطبي رحمة الله عليه، أن الله تبارك وتعالى قد منح الكافرين والمشركين حجو ودليل على أن يأتوا بمثل هذا القرآن مفرقًا أو مجتمعًا فعجزوا عن ذلك.

• الرأي الثالث: ذكر بعض أهل الذكر أن اليهود قد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل كان في بلاد الشام وفارقه ابنه فبكى حتى أصابه العمى، فسألوه عن خبره ون يكون هذا الرجل، فنزلت بعدها السورة على النبي عليه الصلاة والسلام، وفي رواية أخرى يقال أن اليهود سألوا النبي عن أسماء الكواكب التي وردت في سورة يوسف.

• الرأي الرابع: يرى البعض أن السبب وراء نزول سورة سيدنا يوسف هو أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يحكي لهم من القصص بعدما نزل عليهم الكثير من آيات القرآن الكريم، فأنزل الله سبحانه وتعالى بعدها قوله:

“نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)“

ووفقًا لما رأى عن سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال “أنول القرآن على رسول الله فتلا عليهم زمانً فقالوا يا رسول الله لو قصصت علينا، فأنزل الله تبارك وتعالى “

“الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)“

فقالوا يا رسول الله لو حدثتنا فأنزل الله:

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا… الآية، كلُّ ذلك يُؤمَرُونَ بالقرآن».

قصة النبي يوسف

إن قصة سيدنا يوسف مرت على عدة مراحل وفي كل مرحلة مجموعة من العبر والدروس، وفيما يلي سوف نذكر لكم أهم تلك المراحل:

• المرحلة الأولى: بدأت قصة سيدنا يوسف في القرآن الكريم بمكانة سيدنا يوسف الكبيرة لدى والده سيدنا يعقوب عليه السلام، وقد كان حبه لابنه ظاهرًا وقد جعل هذا الحب أخوة يوسف يحقدون عليه ويحسدونه، ودبت في قلوبهم الغيرة منه، وقد جاء ليوسف في المنام، رؤية بأن 11 كوكب يسجدون، وهو ما جعله والده سيدنا يعقوب يخبره بأن عليه ألا يخبر إخوته بهذه الرؤية كي لا يزيد كرههم له وغيرتهم منه.

غيرة أخوة يوسف منه

تمثل تلك المرحلة مرحلة تحول حياة سيدنا يوسف وسوف نوضها في السطور التالية:

• تمثل هذه المرحلة، المرحلة الثانية: تٌشكل هذه المرحلة فترة حقد وكره أخوة يوسف له الذي جعلهم يخططون للتخلص منه نهائيًا، كي ينفردوا بأبيهم كي يصبح كامل حبه لهم وحدهم، فتشاورا فيما بينهم على طريقة مناسبة للتخلص منه، ووصلوا لأن يلقوه في البئر بعد أن يستأذنوا أبيهم في أن يصطحبونه معهم للعب، لكن نبي الله يعقوب كان يحس بالخطر وشك فيهم ورفض أن يأخذونه معهم خوفًا من يأكله الذئب، فألحوا عليه وشرحوا له بأنه كيف سيأكله الذئب وهم عصبة وعدد، فغلب أمر يعقوب ووافق، ولكن ما حصل أهم ألقوه في البئر ومن ثم جاء بدم كاذب على قميصه ووضعوه لأبيهم، والذي لم يصدقهم، ومن شدة حزنه على أبنه وبكائه فقد بصره، ونزلت الآية التالية:

 وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)

• المرحلة الثالثة: المرحلة الثانية تكمن في نجاة يوسف عليه السلام من البئر، حيث مرت قافلة مكونة من مجموعة من المسافرين الذين ألقوا دلوهم في البئر حتى يشربوا منه، وحين خرجوا منه خرج لهم يوسف فاستبشر الرجل به لوجهه الحسن البريء، وأخذوا يوسف معهم، وحينما علم أخوة يوسف أن أناس أخذوا يوسف لحقوا بهم وقالوا أنهم أصحابه فشروه منهم بدراهم معدودة وباعوه لوزير في مصر.

• المرحلة الرابعة: يوسف في مصر، دخل يوسف بيت عزيز مصر وترعرع فيه، وحاولت امرأة العزيز أن تفتنه وتوقعه في الفاحشة واستدرجته لكنه تذكر فضل الله عليه وفضل العزيز عليه وقال:

وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)

بعدها دخل يوسف عليه السلام السجن ظلمًا بعد أن اتهمته امرأة العزيز كذبًا بمحاولة مراودته عن نفسه، وبعد مكر النسوة له.

تحقق رؤيا سيدنا يوسف

هذه المرحلة تمثل مرحلة الفرج، حيث ظهرت براءة يوسف عليه السلام وعلم الملك بأنه عفيف وأخرجه من السجن بعد فسر له رؤياه، وتولى يوسف منصب وزير خزائن الأرض،وبعدها قدر اله له رؤية أخوته حينما أشتد القحط على أهل الشام وفلسطين وجاؤوا من بلدهم إلى بلد الخيرات مصر ليتبضعوا، وعلم بهم ولكنه لم يعلموه، ومنعهم من أن يأخذوا شيء حتى يأتوا بأخيه بنيامين لزيد من المؤن التي سيحصلون عليها، وكان يعقوب خائف عليه منه بعد ما فقد يوسف، ولكنهم أقنعوه، واحتال يوسف حيل وجعل في بضاعة بنيامين كأس الملك ليتهمهم بالسرقة، ويأخذ السارق وهو أخيه، ولما علم يعقوب فقد بصره من حزنه على أبنائه، وأمرهم أن يعودوا إلى مصر ليبحثوا عن أخيهم، وعرفوا أن هذا الوزير يوسف، وطلب منهم أن يلقوا قميصه على وجه أبيه ليترد بصره، ثم عادوا إليه مرة أخرى ومعهم أبيه، ورفعه يوسف على العرش، فخر أخوته له ساجدين، وكان هذا تفسير رؤيا يوسف التي حلمها وهو صغير.

أسئلة شائعة